السبت، 27 نوفمبر 2010

فصول نافعة في تربية الأطفال:مقالات مختارة من كتب ابن القيم الجوزية



فصل: ينبغي أن يكون رضاع المولود من غير أمه بعد وضعه يومين أو ثلاثة وهو الأجود لما في لبنها ذلك الوقت من الغلظ والأخلاط بخلاف لبن من قد استقلت على الرضاع وكل العرب تعتني بذلك حتى تسترضع أولادها عند نساء البوادي كما استرضع النبي صلى الله عليه وسلم في بني سعد .
فصل: وينبغي أن يمنع حملهم والطواف بهم حتى يأتي عليهم ثلاثة أشهر فصاعدا لقرب عهدهم ببطون الأمهات وضعف أبدانهم .
فصل: وينبغي أن يقتصر بهم على اللبن وحده إلى نبات أسنانهم لضعف معدتهم وقوتهم الهاضمة عن الطعام فإذا نبتت أسنانه قويت معدته وتغذى بالطعام فإن الله سبحانه أخر إنباتها إلى وقت حاجته إلى الطعام لحكمته ولطفه ورحمة منه بالأم وحلمة ثديها فلا يعضه الولد بأسنانه .
فصل: وينبغي تدريجهم في الغذاء فأول ما يطعمونهم الغذاء اللين فيطعمونهم الخبز المنقوع في الماء الحار واللبن والحليب ثم بعد ذلك الطبيخ والأمراق الخالية من اللحم ثم بعد ذلك ما لطف جدا من اللحم بعد إحكام مضغه أو رضه رضا ناعما .
فصل: فإذا قربوا من وقت التكلم وأريد تسهيل الكلام عليهم فليدلك ألسنتهم بالعسل والملح الاندراني لما فيهما من الجلاء للرطوبات
الثقيلة المانعة من الكلام فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم وهو معهم أينما كانوا وكان بنو إسرائيل كثيرا ما يسمون أولادهم ب عمانويل ومعنى هذه الكلمة إلهنا معنا ولهذا كان أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن بحيث إذا وعى الطفل وعقل علم أنه عبد الله وأن الله هو سيده ومولاه .
فصل
فإذا حضر وقت نبات الأسنان فينبغي أن يدلك لثاهم كل يوم بالزبد والسمن ويمرخ خرز العنق تمريخا كثيرا ويحذر عليهم كل الحذر وقت نباتها إلى حين تكاملها وقوتها من الأشياء الصلبة ويمنعون منها كل المنع لما في التمكن منها من تعريض الأسنان لفسادها وتعويجها وخللها .
فصل
ولا ينبغي أن يشق على الأبوين بكاء الطفل وصراخه ولا سيما لشربه اللبن إذا جاع فإنه ينتفع بذلك البكاء انتفاعا عظيما فإنه يروض أعضاءه ويوسع أمعاءه ويفسح صدره ويسخن دماغه ويحمي مزاجه ويثير حرارته الغريزية ويحرك الطبيعة لدفع ما فيها من الفضول ويدفع فضلات الدماغ من المخاط وغيره .
فصل
وينبغي أن لا يهمل أمر قماطه ورباطه ولو شق عليه إلى أن يصلب بدنه وتقوى أعضاؤه ويجلس على الأرض فحينئذ يمرن ويدرب على الحركة والقيام قليلا قليلا إلى أن يصير له ملكة وقوة يفعل ذلك بنفسه.
فصل
وينبغي أن يوقى الطفل كل أمر يفزعه من الأصوات الشديدة الشنيعة والمناظر الفظيعة والحركات المزعجة فإن ذلك ربما أدى إلى فساد قوته العاقلة لضعفها فلا ينتفع بها بعد كبره فإذا عرض له عارض من ذلك فينبغي المبادرة إلى تلافيه بضده وإيناسه بما ينسيه إياه وأن يلقم ثديه في الحال ويسارع إلى رضاعه ليزول عنه ذلك المزعج له ولا يرتسم في قوته
الحافظة فيعسر زواله ويستعمل تمهيده بالحركة اللطيفة إلى أن ينام فينسى ذلك ولا يهمل هذا الأمر فإن في إهماله إسكان الفزع والروع في قلبه فينشأ على ذلك ويعسر زواله ويتعذر .
فصل
ويتغير حال المولود عند نبات أسنانه ويهيج به التقيء والحميات وسوء الأخلاق ولا سيما إذا كان نباتها في وقت الشتاء والبرد أو في وقت الصيف وشدة الحر وأحمد أوقات نباتها الربيع والخريف ووقت نباتها لسبعة أشهر وقد تنبت في الخامس وقد تتأخر إلى العاشر فينبغي التلطف في تدبيره وقت نباتها وأن يكرر عليه دخول الحمام وأن يغذى غذاء يسيرا فلا يملأ بطنه من الطعام وقد يعرض له انطلاق البطن فيعصب بما يكفيه مثل عصابة صوف عليها كمون ناعم وكرفس وأنيسون وتدلك لثته بما تقدم ذكره ومع هذا فانطلاق بطنه في ذلك الوقت خير له من اعتقاله فإن كان بطنه معتقلا عند نبات أسنانه فينبغي أن يبادر إلى تليين طبيعته فلا شيء أضر على الطفل عند نبات أسنانه من اعتقال طبيعته ولا شيء أنفع له من سهولتها باعتدال.
وأحمد ما تلين به عسل مطبوخ يتخذ منه فتائل ويحمل بها أو حبق مسحوق معجون بعسل يتخذ منه فتائل كذلك وينبغي للمرضع في ذلك الوقت تلطيف طعامها وشرابها وتجتنب الأغذية المضرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق