الأحد، 20 يونيو 2010

جدارية {مقتطفات}

غَنَّيتُ كي أزنَ المدى المهدور
في وجع الحمامة,
لا لأشرح ما يقول الله للانسان,
لستُ أنا النبي لأدَّعي وحيا
و أعلنَ أن هاويتي صعودٌ
***
و أنا الغريب. تعبتُ من "درب الحليب"
الى الحبيب. تعبتُ من صِفتي.
يضيق الشكل. يتسع الكلام. أفيضُ
عن حاجات مفردتي. و أنظر نحو
نفسي في المرايا:
هل أنا هو؟
هل أُؤدي جيدا دوري من الفصل
الأخير؟
و هل قرأتُ المسرحية قبل هذا العرض,
أم فُرِضَتْ عليَّ؟
و هل أنا هو من يؤدِّي الدَّور
أم أن الضحية غيَّرتْ أقوالها
لتعيش ما بعد الحداثة, بعدما
انحرف المؤلف عن سياق النص
و انصرف الممثل و الشهود؟
***
و جلستُ خلف الباب انظر:
هل أنا هو؟
هذه لغتي. و هذا الصوت وَخْزُ دمي
و لكن المؤلف آخر...
أنا لستُ مني ان أتيتُ و لم أصل
أنا لستُ مني ان نطقتُ و لم أقل
أنا من تقول له الحروف الغامضات:
أكتُبْ تَكُنْ
و اقرأ تَجِدْ
و ان أردتَ القولَ فافْعَلْ, يتَّحِد
ضِدَّاكَ في المعنى..
و باطِنُكَ الشفيفُ هو القصيدُ
***
هباءٌ كامل التكوين
يكسرني الغياب كجرة الماء الصغيرة
نام أنكيدو و لم ينهض. جناحي نام
مُلتَفًّا بحَفنَة ريشه الطيني. آلهتي
جماد الريح في أرض الخيال. ذراعي
اليمنى عصا خشبية. و القلب مهجورٌ
كبئر جف فيها الماء, فاتَّسع الصدى
الوحشي: أنكيدو خيالي لم يعُدْ
يكفي لأُِكمل رحلتي. لا بُدَّ لي من
قوَّة ليكون حلمي واقعيًّا. هاتِ
أسلحتي أُلَمِّعُها بمِلح الدمع. هاتِ
الدمعَ, أنكيدو, ليبكي المَيْتُ فينا
الحيُّ. ما أنا؟ من ينام الآن؟
كيف
مَلَلْتَني, يا صاحبي, و خَذّلْتَني, ما نَفْعُ حكمتنا بدون
فُتُوَّةِ... ما نفعُ حكمتنا؟ على باب المتاهِ خذلتني,
يا صاحبي, فقتَلْتَني, و عليَّ وحدي
أن أرى, وحدي, مصائرنا. و وحدي
أحملُ الدنيا على كتفيَّ ثورا هائجا.
وحدي أُفتِّشُ شارد الخطوات عن
أبديتي. لا بد لي من حلِّ هذا
اللغز, أنكيدو, سأحمل عنكَ
عمركَ ما استطعتُ و ما استطاعت
قةتي و ارادتي أن تحملاك. فمن
أنا وحدي؟ هَباءٌ كامل التكوين
من حولي. و لكني سأُسْنِدُ ظلك
العاري على شجر النخيل. فأين ظلك؟
أين ظلك بعدما انكسرت جذوعك؟
قمة
الانسان
هاوية...
محمود درويش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق