الجمعة، 18 يونيو 2010

ذاكرة

أحب الحياة كما يحبها مسافر في صحراء على يقين أنه سيجد ماءا ليروي عطشه.
أحب الناس كما يحبهم طفل يرى وجه أمه في كل الوجوه المحيطة.
أتقنت الحب كما لم يتقنه أحد. كتبت فيه أشعاري و وهبته شبابي. كانت سنواتي العشرين تَنْظِمُهُ و تصوغ قانونه: فالحب قانونه التساوي. ساويت الجميل بالخبيث:لا يكون خبيث دائما و لا يكون الا جميل أبدا.
ساويت دمعتي بضحكتي:لا تدمع عيني أبدا و لا تضحك أيامي الا دائما.
ساويت ألمي بورقي و نظمته فرار حينا و اقرارا أحيانا.
لكن, ما أصعب أن تكون واضع القانون و أول من يخرج عنه في نفس الوقت, قانون أمل وألم و ذكريات بعيدة. متى كانت الحياة يقينا بوجود ماء؟ و متى كانت الوجوه كوجه الأم؟
لم تعطني سنواتي العشرين ما أبتغيه, و المدهش أن بخلها تجاوزني. فعشرون هذا الزماني كأيامي, تحمل خيبات و آمالا دفينة.
أَ تجسُّدٌ؟ أم تكرار؟ ألا توجد عشرون تعيش بحرية في زمن يقول انه الحرية؟
يا قارئي, هل تتعجب مني؟
يا قارئي الذي يكتب لي مكسور الخاطر بنرجسيتي, لا تصدق ورقتي الا من الرصانة. فوق أوراقي غابات حزن و غموض و دوامات ألم و جنون, و مدن مسافرة داخل ذاكرة ترقص في شوارعها مهرجانات الحرية. فوق أوراقي وجوه لا تغادر دورتي الدموية لطفولة ما زلت أحمل وزرها على كتفي و أماكن و خيبات و انتحاب سري في ركن "بائسة" بالية. فوق أوراقي حب لم يبق منه الا "نظرية" صارت سكين قتلي الحامية. و كلما رميت بورقتي في سلة المهملات دُهِشْت كيف يتسع قشها لذلك الكون من الأحزان؟
يا قارئي, أمد أصابعي الضبابية لأُِشعل شمعة في ليل غربتك, فهل تراها؟
لا تطفئها وآشْدُدْ أزري بلمسة من يدك حانية.
___________________________
27-06-2009
ملاحظة:
بنصي اقتباسات من نص لغادة السمان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق